الشيخ عبد العزيز بن حمد بن معمر :

هو الإمام العلامة الجليل المتبحر الشيخ عبد العزيز بن الشيخ حمد بن ناصر بن الأمير عثمان بن حمد بن الأمير عبد اللّه بن معمر .


مولده ونشأته :
ولد الشيخ عبد العزيز في مدينة الدرعية عاصمة الدولة السعودية ، ومركز الحركة العلمية في ذلك الحين، وذلك في عام 1203هـ، ونشأ في بيت والده العالم الكبير الشيخ حمد. وفي الدرعية مدينة العلم والعلماء وبلد الحلقات والدروس، فكانت نشأته في جو علمي ووسط كريم، فطبعته هذه المؤثرات على الصلاح والتقى، وجبلته على الورع والعفاف، وقادته إلى الرغبة في العلم والحرص على تحصيله، فنشأ عليه منذ نعومة أظفاره فقرأ القرآن وحفظه وهو صغير ثم شرع في تحصيل العلم فأخذ عن عدد من العلماء والشيوخ الأجلاء في الدرعية أشهرهم :

1- والده العالم الشيخ حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر.
2- الشيخ علي بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
3- الشيخ عبد اللّه بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
4- الشيخ حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
5- الشيخ أحمد بن رشيد بن عفالق الحنبلي.
6- الشيخ النحوي حسين بن غنام.
7- عبد الرحمن بن محمد بن خميس.

جد عبد العزيز في طلب العلم وثابر عليه مع ما وهبه اللّه من الذكاء المتوقد والنباهة والجواب الحاضر كما شغل كل وقته في تحصيل العلم فصار عالماً في التفسير والحديث والنحو، أما الفقه فله فيه اليد الطولى والإطلاع الواسع، فكان من المؤلفين المطلعين ذوي القدرة التامة والكفاية النادرة.


تلاميذه وأعماله :
أصبح الشيخ عبد العزيز في عداد علماء الدرعية الكبار وهو في سن الشباب ، وكانت قدرته العلمية قد أهلته للتدريس والافتاء والدعوة والإرشاد والرد على أهل البدع والضلال، فأخذ عنه العلم عدد كبير من طلبة العلم منهم الشيخ محمد بن مقرن بن سند الفطاي المتوفي عام 1267هـ. ثم أصبح أحد القضاة في مدينة الدرعية قبل سقوطها عام 1233هـ.

شارك الشيخ عبد العزيز في الدفاع عن الدرعية أمام قوات إبراهيم باشا، وبعد سقوط الدرعية عام 1233هـ وهدمها ، وما صاحب ذلك من تعذيب بعض العلماء وقتل بعضهم وتشتت البقية منهم، خرج الشيخ عبد العزيز إلى البحرين وأقام فيها ثم عاد إلى نجد بعد أن هدأت الأحوال فيها ثم لم يلبث أن أخذ أولاده معه وعاد إلى البحرين، وقيل إنه استدعاه أمير البحرين وألح عليه في الحضور فقدمها وأقام فيها.

       
مؤلفاته :
صنف الشيخ عبد العزيز عدة مصنفات أشهرها كتابان تمت طباعتهما هما :

1- «منتقى عقد الفرائد وكنز الفوائد»
2- « منحة القريب المجيب في الرد على عباد الصليب»

وذكر محمد القاضي أن للشيخ عبدالعزيز بن معمر كتاباً ثالثاً اسمه النوادر فيه أشعار عذبه. وله نبذة عن نسب آل معمر في خمس ورقات. كما أن له عدداً من الفتاوي. وقد أشرت إلى أن قوات إبراهيم باشا نقلت كتباً كثيرة من منزل الشيخ حمد بن ناصر وأبنائه، منهم الشيخ عبد العزيز، وربما أن في هذه الكتب بعض مصنفاته ويظهر أن له مصنفات أخرى.


قصـائـده :
مثلما اشتهر الشيخ عبد العزيز في العلوم الشرعية، اشتهر أيضاً في الأدب ، فهو يعد من أدباء وشعراء عصره. ونظم الشيخ عبد العزيز عدداً من القصائد منها :

القصيدة المشهورة التي سماها علماء نجد «الطنانة»
وذلك بعد سقوط الدرعية معقل الدعوة الإصلاحية عام 1233هـ وتدمير البلدان، وقتل بعض العلماء والصالحين وتشتت طلاب العلم وفر الناس من أوطانهم، وأحرقت ونقلت الكتب، ألمت تلك الأحداث الجسام الشيخ عبد العزيز فقال قصيدة يتذكر ويذكر بماضي البلد التليد، ويتوجع على ماحل بها والقصيدة في خمسين بيتاً هي :
 
إليـك إلـــه الـعـرش أشــكــو تضـــــرعا   وأدعوك في الضــراء  ربـي لتســـمعا
فـأنـت تـرى ما قـد جـرى فانتصـر لــنا   من الفئة البعدى عن الحق مشــرعا
فقـد ظلمـونـا باعتداء وجردوا ســيوف   ضــــلال لا  اهـــتداء  لـمن  ســـعـا
وكــــم قتلوا من عصبـة الحق فتيـــــة   هـــداة وضــاة سـاجــديــن  وركـــــعا
وكــــم دمـروا مـن مــربـع كــان آهـــل   فـقـد أودعـوا الـدار الأنيـسة  بـلـقـعا
وكــــم قــد أحـلـوا من حرام ببغيهــم   وكــــم هـتــكوا ســتـرا حييا مـمـنـعا
فأصبحــــت الأمـوال فــيهم نهـــائــبا   وأصبحـــــــت الأيتـــام غرثى وجـوعا
وفـر مـن الأوطـان مـن كـان قـاطــــنا   وفــرق إلـــف كــان مجــتـمــعـا مــعا
وشتت شمل الدين وأنبت حبـــــــله   لـديـهـم فأضــحـى مستضـاما مضيعا
وقد أضحت الأعلام من شرعة الهدى   مـهـدمـة الأرجــاء تـقـول لـــــــــعا ًلعا
لمن كان يحـمـي بالـسيـوف حـماءها   يـذيـق العـدى كأسا من الموت مترعا
من المؤمـنـين الناصـرين لربهـــــــــم   فلم يبتغوا في الأرض بغـياً ترفـــــــعا
ســوى أنـهـم  يحـيـون ديـن محـمــد   ويحمون بالبيض الخـفـاف الشرائــعا
مضوا وانقضـت أيامـهـم حـيث أورثـــو   ثـنــاء وذكــرا طــيــبــة قـــد تـضـــوعا
فجـازاهم اللـــّه الكريـم بفضـلـــــــــه   جـنـانـا ورضواناً من اللّه أرفـــــــــــعا
فوا حزننا مـــن بعـدهم غـــير أننـــى   رجـوت إلـهـى أن يمــــن فيجمـــــعا
بهم شملنا في جنـة الخــلد إنــــــه   سميع قريب مستجـيب لـمـــن دعا
وأرجوه يقضي باجتماعي بأخــــــوه   أرى الشوق في قلـبي إليهم تنـوعا
وجدت بهم وجدا وجدت أصـولــــــــه   أبـت أبدا في الود ألا تفـــــــــــــــرعا
فإن كانت الأشباح منا تباعـــــــــدت   فإن لأرواح الـمـحـبـيـن مـجـــــــمـعا
عسى وعسى أن ينصر اللّه ديـننا   ويجـبر مـنـا كـل ما قـد تصـــــــــدعا
ويعمـر للـسـمـحـا  ربوعاً تـهــدمـت   ويفـتـح سـبـلا للـهـداية مهـــــــيعا
إلهي فحـقق ذا الرجاء وكن بــــــنا   غفوراً رحيـمـاً مستـجـيباً لنا الـدعا
فليس لنا رب سـواك فهـب لــــــنا   من النصر نصراً بالأمان مشيـــــــعا
فقد سامنا الأعداء سوم مذلــــــة   وخسفا فظيعاً قـد أضـر وأضــــــــلعا
على غير ذنب غير توحيد ربــــــنا   وإذ قـد هدمـنـا للضلالة أربـــــــــعا
وإثـبـاتـنـا للّه وصـــف كمـالــــــــــه   وتنزيهه عن شبه ما كان مبــــدعا
ونثبت ما قد جـاء في خـير مـــنزل   وعن خـير مبـعـوث ولـن نتتعتـــــعا
نمر الصفـات المـنزلات كما أتــــت   ونـؤمــن إيـمـاناً ولــــن نتنطــــــــعا
ونشهد أن اللّه من فوق عرشـــه   كما قد أتى نصاً صريحاً  تشعشعا
وينزل فـي الثلث الأخير إلى السما   من الليل يستدعي العباد إلى الدعا
فـهـل تائـب هل سائـل متــــضـرع   فيحرز مطلـوب الدعـاء ويســمـــــــعا
هو الغـافـر الرحمن راحـم عــــبده   برحمتـه كـل الخلائـــــق أوســـــــــعا
وكل صفات الرب جــل جـلالــــــــه   فـلا ينبغي فيها سوى النـص مطلـعا
وهـذا اعـتـقـاد للائـمـة قبـلــــــــنا   من السـلـف الهـاديـن مـن كـل أروعا
فأحمد و النعمان منهم ومـالـــــــك   ونــص ابــن إدريــس  كذلـك  رصـــــعا
فماذا علينـا إن سلكنـا سبيـلهـم   فكـان لنا سـوح الهداية مربـــــــــــــعا
الا أيهـا الإخـوان صـبـراً فأننــــــــي   أرى الصبر للمقـدور خيراً وأنفــــــــــعا
ولا تيأسوا من كشف ما ناب إنــه   إذا شاء ربي كشـف ذاك تمــــــــــزعا
فما قلت ذا أشكـو إلى الخلق نكبـة   ولا جـزعاً مـمـا أصاب فأوجــــــــــــــعا
فـمـا كــان  هــذا الأمـــر إلا  بـقـدرة   بـهــا قـهـر اللّه الخـلائـق أجــــــــمـعا
وذلك  عن  ذنب  وعصــيان  خالـــق   أخـذنـا بـه حـيـنـا فـحـينا لــــــــنرجعا
وقـد آن  أن نرجــو  رضــاه  وعـــفـوه   وأن نعـرف التفـريـط منـا فنـــــــــقلـعا
فــيا محسنا قد كنت تحسن دائـــما   ويا دائما قد كان عفـوك أوســـــــــــعا
نعوذ بك اللهم من سـوء فعــــــــلـن   فإن لـنــا في العفــو منــك لمطمـــعا
أغـثنـا أغثنـا وادفـع الـشدة الـتــــي   أصابت فطالت واكشف الـضر وارفـــعا
فإن لم تغثنا يا مغيـث فمن لــــــــنا   لنقصـد أو نرجــــــع إليه ونــخضــــــعا
فجد وتفضـل بالـذي أنت أهـلـــــــــه   من العفو والغفــــران يـارب مــن دعا
وصل صلاة لا تناهى على الـــــــذي   سيبعث في الأخرى شفيعاً مشفعا
محمـد المختـار والصحب كلـهـــــــم   ومن لوصايا اللّه في الذكـر قد وعى


قصيدته الثانية هي اللامية التي أرسلها إلى زميله وصديقه الشيخ عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ وهو في منفاه بمصر وهي في 42 بيتاً، قال الشيخ عبد العزيز :
 
سـلام عليـكـم دونه عُـدِّدَ الـرمـــــلُ   يجدد ماتبقى البواكـر والأصْــــــــــــلُ
يفوق أريـج المســك إن فــاح نشره   يكـون لـه من حـسـن ردكـم نــــــزل
تحـيـة ذي ود على القـرب والنــــوى   فلم ينـس عهدا كان للحـب من قبل
ذكرتكـم  يا أهل ودي وقد نأت بـــي    الدار لا صـحـب لــدى ولا أهــــــــــل
لانكم بدر الديار وشمســـــــــها   وانكم للساكنين بـهــا الظــــــــــــــل
فمذ غبتم عنها تبــدل ضـــــــــوؤها   ظلاماً وظلماً عاد بعدكم الـعــــــــدل
وأصبـح أهـلـوها بأســوء حالـــــــــة   من البؤس والبأساء مسـهـم الــذل
وحل بهم خوف وخلـف ومحـنـــــــة   يـجـل لهـا وصـف فجمـعـهـم فــــــــل
ولم يبق فـيهـا من نـســر بقربـــــه   ولا من له في الفضـل فـرع ولا أصـل
سوى نفر عز اجتمـاع لشمـلـهـــم   وليسـوا لكـم كفـوا ولــو  أنهـم كــــل
إذا ما ذكرنا عهد أمـس فإنـــــــــــما   يبادرنــا دمـع مـن العـيـن منهــــــــل
وما عـرض أبـكـى علـيه وإنـــــــــــه   لأهــون مفقـود لدى من له عـقــــل
ولكني أبكي العلم  والحلـم والحـجا   وقهـر العدى بالحـق إذ سيفه يعلــو
وأبكي  على  عقــد تنـاثــر نظــمــه   شـــيوخ وإخـوان شبـابـهــم كهـــــل
تحـــلـوا بأخــلاق كـــرام فـمـا لـهــم   نظيـر ولا شــبـه فيطلـب أو مثـــــــل
أقمنـا جميعا في أمان وغبـطـــــــــة   وللسحب بالخيرات من فوقـنا وبـــل
وللـعـلم روضـــات تفــتــح زهــــــرها   خـمـائـلـهـا للـسـائـلــين بهــا حــل
وأينــع من أشجـارهـن ثمـــــــــارها   فنيل الجنى منها على محتن سهل
ومد رواق السعـد في عرصاتـــــــها   كما مد للعافـين في وسطها ظـــل
فقد أصبحت قفـرا وأصبح أهلـــــــها   وعـقــدهـم بـعــد الـتـآلف منســل
فمذ شط أصحابي تمثلت منشــدا   لـقـول بليـغ في البيـان له فضــــل
أأحبابنا ما أوحـش الدار بعدكــــــم   علينا لقد ضاقت بأربابها الســــبل
نأيتـم فأغليتـم رخـيـص تجـلـــدى   وصبرى وأرخصتم من الدمع ما يغلو
إلى اللّه أشكو فهو لوشاء جمعنا   لعدنا إلى العهد الذي كان من قـبل

فأجاب الشيخ عبد الرحمن بن حسن بقصيدة من بحرها ووزنها في 23 بيتاً هي :
 

تخطت الينا حين عزّ لنا الـوصـــــل   مـفـاوز نجـد كلمـا انخفـضـت تعـــلـو
فتاة كميـاس الغصـون تـمـايـــــــــل   وقـد اكتملـت فيهـا الملاحـة والـــــدل
لها فاحم ضاف على الـردف سابـغ   ووجه يضاهـي البدر هـام بـه العـقـل
لها منزل من بيـن حـزوى ورامـــــة   ومن دون مرباهـا الصــوارم والاســل
اجادت فوافتني وقد جـئـت زائــــرا   لبيت عظيم عـنـده يســبــل الفضـل
أناخت إلينا عند إدراكنا المنــــــى   لعشر مضت من بعدها أربع تتلــــــو
فضمت وحيت ثم بشـت وأسفرت   عن الورد والياقوت والـلـؤلـو المجلـو
فقلت لها أهلاً وسهلاً ومرحــــــبـا   ســـلام عليكـم دائمـاً ابـداً يعـلــــــو
الـذواحلـى مــن زلال عـلى الظـما   وأبهى مـن الروض الـذي صابـه الوبل
تحية مشـتـاق على البعد والجـلا   ولم يسلـه عنكـم نعـيـم ولا أهـــــل
لأنكمو أهــل الفضائـل والـــــــتقى   بكم قام فرع الدين وأغدو دق الأصل
فعادت وأبدت بالثنا لابن أحـــــمـد   أبـي وفـي عالـم فـاضـل ســهــــــل
تخـبر عن ذاك الـفـتى بفـضـــائـل   تنـبـئ عـنـهـن الرســائل والرســـل
يـناد مني بالـعد عنه كتـــــــــــابة   لقد طاب ذاك الفرع أيضاً كـذا الأصل
ينـبـئــنــا مـــــن فـكـرة بـــــلآلـئٍ   من الجوهـر المنظــوم عـزّ لـه مـثـل
وذكرتـني يا بن الامامـين معشـرا   هم السادة الانجاب والأوْجُـهُ الـنـبل
صحبنا همو دهرا نعمنا بظلــهـم   علـينـا غـمــام بالغنائــم تنهــــــــــل
فلما افترقنا ضل قلبي بارضهـــم   وجسمي بارض ليس فيهـا لنا شكل
وابدلت منكـم أو جهاً لا تسـرنـي   سوى عصبة قلوا فكنت بهم اســلـو
فيالهف نفسي بادكـاري ولو عتي   على انجم غابت فغاب بها العـــــدل
فصبرا على بعـد المـدى واغـترابنا   عسى باعتلاء الحق ان يجمع الشمل
فيبـدو محـيـاهـا بـنـور مشــــــرق   ويرجع عقد الشرك والظلم ينـحــــل
وصل علـى المخـتـار ربـي وآلـــه   وصحب له والمقتفـي نهجهـم يتلـو

ثم أرسل الشيخ عبد الرحمن بن حسن قصيدته العينية للشيخ عبد العزيز بن معمر، بعثها له وهو في البحرين وعدد أبياتها 26 بيتاً ويتضح أن هذه القصيدة قيلت عام 1237هـ وهي :

أشـاقـك من أرض الحـبيب نواجــــــع   فـقـلبـك يـهـوي نحـوهـم وينــــــازع
وخل باقصـى البلـدتين تركـتــــــــــــه   بحـيث الفـتى يخـتـار أني يراجــــع
وقد جل خطـب قبـل ذلــك شـاغــــل   لسـالـــف أعـوام لها العام رابـــــــع
تذكرتهم والشـحـط بيني وبينـهـــــم   ومن دون من أهوى عــنــى وروادع
عسى أمتطى عـرض الفـلاة أجـوبـها   فتسـلو همـومي عندهــم والروابع
فـصـبـرا لعـل اللّه يجمـع شمـلــــــنا   فـغـــــوث إلـهـى للشتيتيـن جامــع
على أنني بلغـــت عنهم مقالــــــــة   بأن الهوى منهم محته الزعــــــــازع
فهون وجدى نحوهـــم ما سمعتــــه   فقلـت ومكـتـوم الصبابـة ذائـــــــــــع
لئـن غـير النَّأيُ الطويل أحـبــــــــــــة   لقد أضـمـرت في طـي ذاك المنافـع
فكم عوض المولى الكريم بفضلـــــه   وكم قد أنيطت بالخطير المرافــــــــع
فلا تيأسن من فاطر الأرض والسمـاء   فربـي كريـــم فـضـلـه مـتـتـابـــــــــع
والله وادي جيرة قد ألفتهــــــــــــــــم   مقيمــاً بـه والحق لـلــظــلـــم رادع
سروا منهجاً قد يستضئ بنــــــــوره   أخو العلم والتوفيق فالفضل واسـع
فجار أناس بعدهم عن طريقهـــــــم   فجاء خداري من الجهل رائـــــــــــع
وأنبته نصحى فلم يعبئوا بــــــــــــه   فصرت أنا المقلى والنصـح ضــــائع
تكاثرت  الأحـداث  فيـهـم  فشـتـت   أوانسهم وانهــل منها المدامـــــــع
جرى القدر الجاري عليهم بنكبـــــة   فـلا بِسِوَى الفرد العظـيم ندافـــــع
فان سـرت الاعـداء مما جرى لهـــم   لقد أوحشت منهم قرى ومرابـــــع
ولا عجــب أن الذيــن جفــوهــــــــم   لهم فضل نعمى عندهم وقطائـــع
فيا ضيعة المعروف في غيـر  أهلــــه   فلا الفعل محمود ولا المـال راجـع
لئن خانني قوم  على البعد والجــلا   فــلابـد مـن يــوم تــرد الـودائــــــع
فأكرم بخــل لم يغيــره ما جــــــــــرى   وفي له فـوق الوفـاء صـنـائـــــــــع
سليم من الداء العضال الذي ســرى   عقيب الدواهـي فهـو منهـن نازع
له همة تسمو إلى المجد والعــــلى   إذا ماتدانى في الدناءة راتــــــــــع
عنيت الفتى سبط الرضى علم الهدى  أمــام هــمــام للـفـضـائــل جامـع
فيا ربنا واجعـــل رضاك يعمــــــــــــــــنا   فليس لما تـعـطـيـــه للمرء مانـــع

فرد عليه الشيخ عبد العزيز بقصيدة بنفس عدد الأبيات، وعينية القافية أيضاً، يقول فيها :
 

أنـجـم بدا كـلا بـل البدر طالـــــــــــــع   ام الشمس اضحى ضوؤها وهو ساطع
أعـقــد مـن الـدر الـنـفـيـس مـنـظــم   فأنـواره فـي الأفـق تزهو لوامـــــــــع
أتـى مـن أديـب عـالـم متـذكـــــــــــر   لأخوته والنأى بالخل شاســـــــــــــع
تذكـر ذا قـربـى حلـيـف مـــــــــــــودة   ولم يـنــسه ما نـأى فــهــــــــو وادع
عليك سلام اللّه يامن سمـا لــــــــه   إلى المجد فـرع فهـو للسـعـد طالع
عـليك مـع الأخـوان ألف تحـيــــــــــة   وألـــف ســـــلام عـهــده متـتـابــــع
لقد سرني ماجاءني عنك مخــــــبر   بـما خـصـكـم ربي بما هـو واســـع
على عظم البلوى أتى اللطف فاعجبوا   على يد من تخشى لديه الجنــادع
فحمدا لـمـولانـا على كل حالـــــــــــة   وشـــكراً له فالخــير للشكــر تابــــع
وإن تسألوا عني فإني على الـــــذي   عهدتـم وربـي عـالـم بي وسامــــع
فيا سعد من أمسـى وأصبـح مخلصـاً   ســليـم فـــــؤاد قــلــبــه مــتــواضـع
يرى خير ربح في ســــلامة دينــــــــه   إذ النذلأ ضحى وهــو للـدين بائـــــع
يروح ويغدو الدهر في طلب الهـــــدى   إلى السـنة المثــلى حنيناً يسـارع
يعض عليها بالنواجــذ منشـــــــــــــدا   لبيت قديــــم ترتضـيـة المسامــــــع
وخير الأمور السالفات على الــهدى   وشـر الأمـور المحـدثـات البدائـــــــع
أبا حسن ذكرتنا العـــــــــــــهد والإخا   وعصراً مضى والشمل بالخـير جامـــع
زمـان اصطحـبـنـا فـي أمان وغبـطة   وللـدين والدنيـــا لدينــا مواضـــــع
بنود ذوي الإسلام تخـفق أينــــــما   توجهت  الرايات فالنصـر تابـــــــــع
فتمت  به النعما وحــق لها الهـــنا   وقامـت به فيمـا لدينـا الشرائــــــع
ولسنا نبرى النفس من أمر سوئها   ولولاه ما حلت علينـا الفجائــــــــع
فإن حالت الأحـوال عمـا عهدتـــنا   وصـار من الأعدا الصديق المشايـع
وبث عتاة الخلق في الأرض بثهم   وراعـت قـلـوب المؤمنـين الـــــروائـع
فصالحـة العتبـىلكـل موحـــــــــد   وإن زعزعته النائبات الزعـــــــــــــازع
دعــــوت إله الحق فارج نوالـــــــه   قريبـاً ونصـر الـلّـه لابـد واقـــــــــــــــع
ونرجوه في الدنيا سريعـاً وبعــده   لـدى الحشـر إن اللّه للشــرك قامـع
وأني لأرجــو اللّه حتى كأنــنــي   أرى بجمـيـل الظـن ما الـلّـه صـانــع

وللشيخ عبد العزيز كذلك قصيدة في ذم التنباك ومدح القهوة في اثنين وعشرين بيتاً نختار منها :
 

أيا شارب التنباك مالك تشـــــــــرب   شـرابـاً إلـى سـخط المـليك يـقـرب
وتؤذي به الأملاك أكرم بقربهـــــــــم   كـراماً لسعي العـبـد ويحـك تكـتـب
يحل القوى من شاربيه وسعـلــــــة   إلى عـلـة السـل المـخـوف تــقـرّب
واسـكـارة لا شــك فــيــه وانــــــــــه   يخــدّر أحــيـانـاً فـأمـراً مـجـــــــــرب
وقد منع الفاروق من شربه الطــــل   لاسكـار فـرد ما للصحابـة غـــــيـب
أباح إلـهـي الطـيـبـات مشــــــــارب   وقــول بطـيـب الـتـتـن قول مكــذب
فيا صاح لا تشربه يوماً ولا تكـــــــن   بـمـنـتـشـق يـومـاً له ولا متطــرب
وإن شربوا فاعدل إلى القهـوة التي   يطـيب لها نـشـر أريـج ومـشــــرب


وفــاتــه :
توفي الشيخ عبد العزيز رحمه اللّه في المنامة في بلد البحرين في شهر شعبان عام 1244هـ، ودفن فيها قال عنه ابن بشر : « وفيها توفي الشيخ العالم الفاضل عبد العزيز بن الشيخ العالم حمد بن ناصر بن معمر رحمه اللّه، كان فقيهاً أدبياً متواضعاً حسن السمت والسيرة، ذا شهرة في العلم والديانة وله أشعار رائعة».وعندما وصل إلى البلاد النجدية خبر وفاته رحمه اللّه ، ُصِّلىَ عليه صلاة الغائب.

وقد رثى الشيخ عبد العزيز بن حمد بن معمر بمراث عديدة منها مرثية الشيخ أحمد بن مشرف التميمي، وهي في 26 بيتاً يقول فيها :

 
أشمس الهدى غابت أم البدر أفـل   أم النجم أمسى لونه وهو حائــــــل
أم الدين هد الخطب جانب طـوده   أم العلم قد أوهـت بنـاه الـــــــــزلازل
نعم أفلت شمس العلوم وبــــدرها   لـدن غيبت حبر الـزمـان الجـنــــــادل
إمام الهدى عبد العزيز بن ناصـــر   فكـم نصـر الإســـلام مـنـه  رســائـل
رثته علوم الدين إن غـاب نجـمـه   فأنجمـهـا تبكـي عليه أوافـــــــــــــــل
وظـلـت ربـوع العـلم تهتف باسمه   وتندبــــه للمشكلات مسائــــــــــــل
فمن بعده للمعضـلات وحـــــــــــلها   وكانت له فيها تشد الرواحــــــــــــــل
ومن للعدى يرمى بشهب علـومه   ومن للهدى يحمى وعنه يناضـــــــل
لقد  صار في  الإسلام ثلم  بموته   وكلم فمـن ذا بالعـلاج يحـــــــــــــاول
وقد كان للإسلام حصناً ومفـــــــزع   إذا نزلت بالمسلـمـين النــــــــــوازل
فأصبـح مقصـوداً لمـن طلب الـهدى   وكــل لـنـيـل الـمـعـالــي وســـائــــل
لقد فقد العلم العزيز ونشــــــــــــره   لدن فـقــدت عبد الـعـزيــز المحافــل
هو البحر إن رمت العلوم وبحثــــــها   سوى أنه للبـحـــر يوجــد ساحـــــل
إذا ما أتاه السائلــون فعنـــــــــــــده   جـواب من التحقيق شـاف ونائـــــل
وقد جهل الأقوام مقدار فضلـــــــــــه   وعـاش زماناً ذكره فيه خامــــــــــــل
فلا عجب فالكنز يجهل غالــــــــــــبا   وهذا زمان تسمو فيه الأســافــــــل
لقد جد في علم الشريعة ناصـــــبا   ألا أنــه بالجــزم للحــق نـــــــــائـــل
وقد كان مخفوض الجناح تواضعــــــا   بأحرف علم هن فيه عوامـــــــــــــل
أضيف إليه العـلـم الـنـفـيـس فـجـرّه   إلـى كـل خـيـر فهو بالـعـلـم عـامـل
وفعل المعالى موجـب رفـع قــــــدره   كما يستحق الرفع في النحو فاعل
ولكنه  في الفضل ما عنه نائــــــــب   وليس له في عقلـه من يعـــــــادل
فحسبك من حسن أن ما ذكرتــــــه   وما طال من شيء فما فيه طـــائل
سقى روحه الرحمن هطال رحـمــة   وعم الرضـا من غيبتــه الجـنـــــادل
فأوصيك بالصبر الجميل وبــــالرضا   فحكــم المنـايـــا للـبـريــة عــــــادل
فلو كان سهم الموت يخطئ واحـدا   لعاش الهداة الأكرمون الأفاضــــــــل
ولكـنـه حـكـم من اللّه نافـــــــــــــذ   وخطب عمـــيم للبريــة شامــــــــل

ورثاه غيره رحمه اللّه ، وعفا عنه .