عبد اللّه بن محمد بن معمــر :

هو الأمير عبد اللّه بن محمد بن عبد اللّه بن إبراهيم بن الأمير مشاري بن إبراهيم بن الأمير عبد اللّه بن محمد بن معمر، ووالدته هي طرفة بنت حمد بن حسن من أهل ملهم.

ولد عبد اللّه في بلد سدوس في العقد التاسع من القرن الثالث عشر، ونشأ وتربى في بيت الإمارة في سدوس ، حيث كان أخوه سعد ووالده محمد وجده عبد اللّه هم أمراء سدوس.
تعلم عبد اللّه مبادئ الكتابة والقراءة وحفظ القرآن في سدوس، وكان ميالاً لطلب العلم ، فكان يذهب يومياً إلى بلدان الشعيب للقراءة على بعض علمائها.

ثم رحل إلى الرياض وأخذ العلم عن بعض علمائها، وبعد وفاة أخيه سعد عام 1324هـ تقريباً أصبح عبد اللّه أميراً لسدوس حوالي ثلاثة أعوام، ثم رغب عنها فعين بدلاً منه في سدوس مشاري بن عبد الرحمن بن عبد اللّه بن معمر أميراً في حدود عام 1327هـ، وانتقل عبد اللّه للرياض بهدف تلقي العلم، وكان يأتي إلى سدوس للزيارة، وصادف في ذلك العام أن جاء حنشل (قطاع طرق) من البادية، وأخذوا جملاً لرجل من أهل سدوس كان قادماً من ملهم فدخل سدوس بعد صلاة الظهر يستصرخ أهلها ويستنجدهم لرد جمله، فقال أحد آل معمر لمن أراد أن يفزع سنعطي جارناً جملاً بدلاً من جمله واتركوا الحنشل، فردوا عليه ولاموه وقالوا له لو سُمع بهذا الكلام لطمع فينا وفي إبلنا التي في الحيسية الطامعون، ولأكثر علينا الحنشل الغارات، ولكن لابد أن نخرج إليهم ونرد الجمل ونؤدب بهم غيرهم فخرج عدد من أهل سدوس منهم ستة رجال من آل معمر أحدهم عبد اللّه بن محمد وابن أخيه عبد العزيز بن سعد، وحصل بينهم وبين الحنشل رمي من بعد صلاة الظهر وحتى المغرب ، فأصيب عبد العزيز وكان في محجا (ساتر من الحجارة) قريباً من عمه فلما فقد عمه، اعتزاءه وكان يعتزي بـ «أخو سارة» عرف أنه مات متأثراً بإصابته ثم غير مكانه واستطاع أن يقتل قاتل ابن أخيه وجرح آخر، وعاد أهل سدوس يحملون قتيلهم بعد أن استنقذوا جمل جارهم ، فحمل الحنشل جريحهم وذهبوا إلى ضرما حيث تركوا جريحهم هناك، وعندما علم الإمام عبد الرحمن الفيصل بذلك أرسل لأمير ضرما وأمره بقتل ذلك الرجل فقتل. وقد أبلى عبد اللهّّ بلاء حسناً في تلك المواجهة، وقد أثنى عليه شاعر سدوس في ذلك الوقت مشاري بن عبد اللّه بن سلطان بن معمر بقصيدة منها قوله :
 
يانديبي كثر البن وبهاره   واترس الفنجال وأثنه لعبد اللّه

 


عاد عبد اللّه إلى الرياض وشارك في عدة مواقع ومواجهات بجانب الملك عبد العزيز ولثقة الإمام عبد العزيز به أرسله عدة مرات أميراً على العمال الذين يجلبون الزكاة من البادية، ثم عينة أميراً لوادي الدواسر عام 1336هـ تقريباً، واستقام فيه مدة، ثم عاد إلي الرياض، وَعَيَّنَ في الوادي أميراً بدلاً منه، وأخذ عبد اللّه يطلب العلم في الرياض عن علمائها وبخاصة الشيخ عبد اللّه بن عبد اللطيف آل الشيخ .

وفي عام 1340هـ طلب منه الإمام عبد العزيز أن يذهب إلى تربة أميراً ولكنه اعتذر لرغبته التزود بالعلم، وعندما ألح عليه الإمام عبد العزيز بذلك ذهب عبد اللّه إلى الإمام عبد الرحمن وشرح له رغبته البقاء في الرياض، والتزود بالعلم، ورجاه أن يكلم ابنه عبدالعزيز في ذلك وعندما طلب الإمام عبد الرحمن من ابنه أن يترك ابن معمر شرح لأبيه وجهة نظره ثم استدعى عبد اللّه بن معمر وطلب منه أن يترك الرياض مادام مصراً على رأيه.

فرحل عبد اللّه إلى سدوس، وفي ذلك العام قدم أخوه عبد الرحمن الذي كان أميراً في عينين «الجبيل» وطلب من الإمام أن يعفو عن أخيه عبد اللّه، وأنه مستعد للذهاب إلى تربة بدلاً عنه فنقله الإمام عبد العزيز إلى تربة أميراً آخر عام 1340هـ، وأرسل إلى عبد اللّه أن يحضر من سدوس فوصل الرياض، وعندما سلم على عبدالعزيز عاتبه بود، ثم عينه في مجلسه ذلك أميراً على رنية بقرب أخيه عبد الرحمن. ورحل عبد اللّه إلى رنية ورأيت مراسلات لعبد اللّه أثناء إمارته لرنية أحدها كان مؤرخاً في الرابع من شوال عام 1341هـ ، وبقي عبد اللّه هناك وعندما وصله خبر مقتل أخيه عبد الرحمن أمير تربة ترك ابن أخته مشاري بن محمد بن مشاري بن معمر أميراً عليها وذهب على رأس قوة إلى تربة وذلك أول عام 1342هـ. وكتب لعبد العزيز بذلك فورد له خطاب يعزيه في أخيه ويعينه أميراً لتربة.

وشارك عبد اللّه على رأس قوة من أهل رنية وماحولها في فتح الحوية، ثم فتح الطائف في شهر صفر عام 1343هـ، وكان قائداً لألوية أهل تربة وماحولها، وعند فتح الطائف كان وكيلاً (مسؤولاً عن الغنائم) ثم شارك في دخول مكة ، كما شارك في حصار جدة الذي بدأ في جمادى الآخرة عام 1343هـ، وشارك في المواجهات التي دارت حول جدة منها موقعة المصفحات في 18/8/1343هـ، ثم عينه الإمام عبد العزيز أميراً لبيشة في شهر صفر عام 1344هـ، أثناء حصار جدة ، وفي أثناء إمارته لبيشة احتلت القوات اليمنية جبل عرو عام 1350هـ وبعد اتصالات بين الإمام عبد العزيز والإمام يحيى اقترح الأول عقد مؤتمر يحضره مندوبون عن الجانبين السعودي واليمني لحل المشاكل ، وكان عبد اللّه بن معمر أمير بيشة هو رئيس الوفد السعودي ويضم الوفد كل من فهد بن زعير وعبد الوهاب أبو ملحة ومحمد بن دليم وحمد العبدلي ومحمد الحازمي فاجتمع المندوبون في 15 جمادي الآخرة عام 1350هـ حول جبل عرو، ثم اجتمعوا في الخامس من شعبان في العام نفسه، ووقعوا على اتفاقية من ثمان مواد :

المادة الأولى :
أن يكون على الدولتين المحافظة على الصداقة وحسن الجوار وتوثيق عرى المحبة وعدم إدخال الضرر ببلاد كل منهما على الآخر.

المادة الثانية :
يكون على كل من الدولتين تسليم المجرمين السياسيين وغير السياسيين المحدثين بعد هذه الاتفاقية كل حكومة عند طلب حكومته له.

المادة الثالثة :
يكون على كل من الدولتين معاملة رعايا الدولة الأخرى في بلادها في جميع الحقوق طبق الأحكام الشرعية.

المادة الرابعة :
يكون على كل من الدولتين الضبط والتسليم لرعايا الدولة الأخرى في كل الحقوق الشرعية فما أشكل ولم ينهه الأمراء ولا العمال فمرجعه إلى الملك والإمام.

المادة الخامسة :
على كل من الدولتين عدم قبول من يفر عن طاعة دولته كبيراً أو صغيراً مستخدماً أو غير مستخدم وإرجاعه إلى دولته حالاً.

المادة السادسة :
إذا حدث حادث من أحد رعايا الحكومتين في بلاد الأخرى فعلى المحدث أن يحاكم في المحاكم التي وقع فيها الحادث.

المادة السابعة :
منع الأمراء والعمال عن التداخل بالرعايا مما يحدث القلق ويوقع سوء التفاهم بين الدولتين.

المادة الثامنة :
أن كل من يسكن من رعايا الطرفين في بلاد الآخر بعد هذه الاتفاقية وتطلبه حكومته فإنه يساق إلى حكومته حالاً. هذا ما حصل به التراضي بين المندوبين من طرف سيادة الإمام ومندوبي جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود على أن يكون العمل بهذه الثمان المواد بعد مصادقة وموافقة الملكين المعظمين عليها، وتحرر ماذكره أعلاه من صورتين بيد كل فريق صورة بتاريخ اليوم الخامس من شهر شعبان سنة 1350هـ. التواقيع والأختام القاضي عبد اللّه بن أحمد العرشي عبد اللّه بن محمد بن معمر سحار عبد اللّه بن مناع فهد بن زعير أبو طالب بن محمد محجب عبد الوهاب بن محمد أبو ملحة محمد بن دليم حمد العبدلي محمد بن علي الحازمي
وفي ربيع الأول عام 1353هـ نقل عبد اللّه من إمارة بيشه وعين أميراً للطائف، ولم تدم إمارته فيها إلا عاماً واحداً حيث طلب من الملك عبدالعزيز إعفاءه، ولكنه نقله أميراً للأفلاج في ربيع أول عام 1354هـ، وعين مكانه في الطائف عبد العزيز بن فهد ابن معمر، ومكث عبد اللّه أميراً في الأفلاج أربع سنوات ، وفي عام 1358هـ نقل من الأفلاج وعين أميراً لوادي الدواسر مرة أخرى، وبعد شهور قليلة مرض فعاد إلى الرياض، وأرسله الملك عبد العزيز للعلاج في البحرين ثم الكويت، وعاد إلى سدوس فقضى فيها بضعة شهور مريضاً إلى أن توفي.

وفاته:
توفي رحمه اللّه في شهر رجب عام 1359هـ ، وخلف رحمه اللّه ولدين هما محمد ومعمر ومحمد ليس له عقب رحمه الله ومعمر خلف ولدين هما الدكتور عبدالله وفهد .


صفاته :
كان عبد اللّه رحمه اللّه عاقلاً وقوراً يعلوه بهاء الطاعة ونور العبادة، شجاعاً فارساً مقداماً مهيباً ديناً يحبه العامة والخاصة والكبار والصغار ، وكان ربعة كثيف شعر الوجه.