فهد بن معمر (1283 - 16 شوال 1339هـ):

هو فهد بن عبد العزيز بن ناصر بن الشيخ حمد بن ناصر بن الأمير عثمان بن حمد بن الأمير عبد اللّه بن محمد بن معمر، وأمه نوره بنت عبداللّه بن معمر.

ولد فهد في الرياض حوالي عام 1283هـ وهو أصغر إخوانه ، غادر الرياض هو ووالده وإخوانه بعد أن دخلها سعود الفيصل عام 1288هـ ورحلوا لسدوس حيث تلقى فهد هناك تعليمه في الكتاتيب فتعلم القراءة والكتابة، وحفظ سوراً من القرآن الكريم، ولما شب رحل إلى الكويت ومعه ابنا أخيه ناصر وهما عبد العزيز وحمد، حيث استضافهم ابن عمهم عبد الرحمن بن عبد العزيز بن مشاري ، وزاروا الإمام عبدالرحمن مراراً عديدة.

ورحل عبد العزيز بن ناصر للبحرين فسدوس ، أما حمد فعاد إلى الرياض وكان بها عندما استردها عبد العزيز، وبقي فهد في الكويت وشارك مع عبدالعزيز في محاولته الأولى لاسترداد الرياض عام 1318هـ ، ثم عاد إلى الكويت.

         

وسنعرض أهم مشاركات الأمير فهد بن معمر مع الملك عبد العزيز في النقاط التالية :

كان فهد من ضمن الفاعلين الذين رافقوا عبد العزيز في محاولته الثانية والناجحة لاسترداد الرياض في الخامس من شهر شوال عام 1319هـ وقد كرم في شخص حفيده فهد بن معمر محافظ الطائف حالياً من قبل خادم الحرمين الشريفين ضمن احتفالات المملكة بمرور مائة عام على تأسيسها.

قام بجمع زكاة البوادي القريبة من الرياض وذلك بتكليف من عبدالعزيز، وكانت الزكاة في ذلك الحين من أهم موارد ميزانية الدولة ويعول عليها.
 
عين فهد أميراً للدلم قاعدة الخرج، وكان على رأس إحدى السرايا ومعه بعض رجاله من أهل سدوس، منهم إبراهيم أخو خليف وابن مهيريس ، وذلك ليضبط البلد ويساعد عبد العزيز عند هجوم قوات ابن رشيد عليها، وفعلاً زحف ابن رشيد إلى الدلم بعد أن غادر الحسي في شهر شعبان عام 1320هـ ، واشتبك مع السرية فردته، ثم اشتبك ابن رشيد مع قوات عبد العزيز وأسر من جيشه عدداً من الرجال ، وعندما حل المساء تقهقر ابن رشيد وعاد إلى القصيم.

وفي النصف الأخير من عام 1328هـ وأثناء إمارة فهد بن معمر في الخرج حصلت بعض الأحداث في الخرج ، إلا أن ابن معمر ورجاله تحصنوا في قصر الدلم الحصين، واستطاع أن يتجاوز تلك الأحداث بسلام.
وعندما علم عبد العزيز بذلك توجه إلي الخرج ليقضي على الفتنة في الحريق ويوحد جبهته الداخلية قبل وصول الشريف إلى نجد وفي هذه الأثناء وصل عبدالعزيز خبر أسر أخيه سعد حيث سُلم للشريف قرب القويعية عندها قرر عبدالعزيز أن يدعم أمير الخرج ابن معمر بأربعمائة مقاتل ليتمكن من منع أي محاولة أخرى للاستيلاء على الخرج ، ثم كر راجعاً للرياض لاجراء الترتيبات الكفيلة بانقاذ أخيه سعد من الأسر.

بعد أن تمكن عبد العزيز من إخماد المعارضة له في الحريق ، وإطلاق أخيه سعد من أسر الشريف ورجوع الأخير إلى الحجاز كانت المنطقة الملتهبة في ذلك الحين هي القصيم، والتي كانت قاعدة مواجهات عبد العزيز مع آل رشيد، وكان لابد لها من أمير كفؤ ، أراد عبد العزيز أن يختار قائداً وأميراً لقاعدة بلدان القصيم بريدة، ووقع اختياره على فهد بن معمر، وما كان ليختاره لهذا المنصب في أكبر المقاطعات، وأكثرها حساسية، إلا لكفاءته وقدرته وإخلاصه ، حيث لم يسند عبدالعزيز إمارة بريدة إلا لابن عمه عبد اللّه بن جلوي، ثم لخاله أحمد السديري. فنقل فهد من إمارة الخرج بعد أن أمضى فيها حوالي عشر سنوات ، وعينه أميراً لبريدة في شهر شوال عام 1329هـ، لم يكن فهد بعيداً عن القصيم فقد شارك في جميع المعارك التي دارت حوله وفيه مع عبد العزيز، ولم يمنعه كونه أميراً للخرج من قيادته المقاتلين من أهل تلك البلاد واشتراكهم في المعارك ، فقد شارك في وقعة فيضة السر (ابن جراد) وضم عنيزة وبريدة وموقعة البكيرية والشنانة وروضة مهنا، وموقعة المجمعة عام 1325هـ، وهي التي أصيب فيها إصابة بالغة في ظهره بعد أن كبت به فرسه المعروفة بـ(الجلابية) في أحد سواقي المجمعة.

كما شارك في الطرفية والصباخ وموقعة نعام أثناء حصار الحريق، وموقعة الحريق في شوال عام 1328هـ، وقاد الكثير من السرايا وخاض المعارك بنفسه، غير هياب ضد طلائع جيوش حائل طيلة إمارته لبريدة. وتخلل مواجهات الإمام عبد العزيز مع ابن رشيد صلح أكثر من مرة ، منها الصلح الذي كان قائماً عام 1333هـ، وعندما علم ابن رشيد بهزيمة قوات الإمام في موقعة كنزان وجدها فرصة للإغارة على القصيم، ولكنه لم يفلح في ذلك، حيث رد على أعقابه وفي 15 رمضان شن هجومه على الطرفية. وتمكن أهلها من رده بقيادة أمير البلد عبد العزيز التويجري، فغادرها ابن رشيد ولما وصل الخبر إلى أمير بريدة فهد بن معمر بأن أمير الشقه جرى بينه وبين ابن رشيد مفاوضات وربما استطاع ابن رشيد أن يستميله جهز - أمير بريدة - سرية من أهلها قوامها ستمائة رجل. فاحتلت الشقة قبل أن يصل إليها ابن رشيد ، أشاع ابن رشيد أن الإمام عبد العزيز قتل وأرسل لأمير بريدة وعنيزة يدعوهما للانضمام إليه وجاءه الجواب بما لا يحب. عندئذ زحف ابن رشيد بجنوده يحاول احتلال مدينة بريدة ووصل إلى قرية (خب القبر) فخرج أميرها على رأس قوة من أهلها وخرج معهم مائتا مقاتل من أهل عنيزه بقيادة أميرها عبد اللّه السليم واشتبك الطرفان في مواجهة عنيفة في شهر شوال تمكنوا في نهايتها من هزيمة ابن رشيد، وقتلوا الكثيرمن رجاله، فاضطر إلى التقهقر والعودة إلى حائل.
 
بقي فهد أميراً على بريدة بعد ذلك ثم استدعاه الإمام عبد العزيز إلى الرياض وأرسله لزكاة آل مرة وعين عبد العزيز بن مساعد بن جلوي أميراً على بريدة ، ثم أعاده مرة أخرى بعد ثمانية شهور إلى إمارة بريدة وكان ذلك في 23 محرم عام 1336هـ بدلاً من ابن جلوي.

وفي أوائل شهر ذي الحجة عام 1336هـ خرج الإمام عبد العزيز من الرياض وكان ينوي مهاجمة القبائل الموالية لابن رشيد ومر بالقصيم وسار معه أهلها بقيادة أميرهم فهد بن معمر، فلما وصل الإمام عبد العزيز ماء الأجفر أرسل سريتين الأولى رئيسها فهد بن معمر وأمره أن يكشف جميع المناطق التي بين ياطب إلى حائل، والأخرى برئاسة فيصل ابن حشر وأمره أن يكشف مابين السبعان إلى حائل، فجاءه رسول ابن حشر يفيد أن ابن شريم ومعه بعض شمر بالقرب من السبعان، ثم جاءه رسول ابن معمر على أن شمر حائلون دون حائل وأن منازلهم من ضبيع إلى عكاش إلى السفيلي أماكن قريبة من حائل، فسار عبد العزيز على نفس خط سير ابن معمر، ووصل ياطب الساعة السابعة ليلاً، ثم وصل إلى عكاش وصلى هناك الفجر وعبأ جيشه وجهز منهم ثلاثمائه فارس وأربعمائة هجان عليها ثمانمائة مقاتل وأمرهم أن يغيروا على بني يهرف ، وبقي هو ومن معه من الجند فأغارت السرية علىهم وأخذوا ما معهم ثم أغاروا على السفيلي ولم يكونوا بأحسن حالٍ ممن قبلهم.
عادت السرية بالغنائم لعبد العزيز الذي قفل راجعاً للرياض وكانت تلك المواجهة المسماة بياطب في الثامن من ذي الحجة من العام نفسه.



استشهاد فهد بن معمر :

كان الإمام عبد العزيز مقيماً في بريدة في شهر رمضان عام 1339هـ ثم غادرها إلى الرياض في التاسع عشر من الشهر نفسه، وكان قد عين لحصار حائل قائدين هما ابنه الأمير سعود بن عبد العزيز وأمير بريدة فهد بن معمر. وأمير حائل في ذلك الوقت عبد اللّه بن متعب بن عبد العزيز بن رشيد وكان صغير السن، زحف القائدان على حائل وبدأ بحصاره واستطاع فهد بالقوة التي معه أن يستولى على بلدة موقق، وكان محمد بن طلال بن رشيد في (جبة) يجمع قواته بهدف الاستيلاء على حائل منشقاً على ابن عمه ابن متعب ، فلما تمكن فهد من ضم موقق أرسل رسالة لسعود بن عبدالعزيز يخبره بذلك، ويبلغه أنه سيهاجم محمد بن طلال لأنه مكمن القوة الرشيدية ثم تحرك فهد بقواته البالغ عددها حوالي الألف مقاتل، وكان يتقدمهم في سرية من ثلاثين رجلاً فيهم أخوه عبد الرحمن وعلي بن حسن بن معمر وسليمان الشنيفي وسعد بن سفيران وفريح بن هملان الحربي أحد رجال فهد، ومع الأمير فهد ابنه عبد العزيز وهو غلام في الثانية عشرة من عمره ومعه فهد بن شريد، وكان قد ضرب لقواته موعداً في أم القلبان ، واستطاع أهل حائل أن يعرفوا مضمون رسالته لسعود بن عبد العزيز، قيل إنهم أسروا الرجل الذي يحمل الرسالة، أخذوها منه وقرأوها، وقيل إن شخصاً أبلغ حائل عن تحرك فهد فجهز أمير حائل سرية مكونه من (400) أربعمائة مقاتل، وأسند قيادتها إلى إبراهيم بن سبهان فأعدوا لفهد كميناً في شمال غرب حائل قرب جبل أجا (حدثنا سعد بن سفيران، الذي كان زمالاً لفهد ومعه في تلك السرية قال : كان فهد راكباً ذلوله، وكان يتحدث معنا أن هذا المكان هو الذي جرى بيننا وبين بعض قوات ابن رشيد رمي بالبنادق فيه ، منذ مدة ، قال ابن سفيران ففوجئنا بالكمين، وقد أخذ يطلق النار باتجاهنا، فأناخ فهد ذلوله وأخذ يبادلهم إطلاق النار وصرنا نرمي معه، وعندما تبينا كثر المهاجمين وكثر الرمي (كثافة الرصاص) قال : ثم أشار فهد إلينا بالاتجاه بالإبل (الجيش) لنقرة قريبة لحمايته من الرصاص فتراجعنا ونحن نرمي، وركب ذلوله فلما استوى عليها أتته طلقة نارية وأصابته في رأسه فهوى صريعاً، ولحسن الحظ وصلت قواته بقيادة شريم بن عصاي وعقاب بن نحيت والزغيبي، فلما شاهدت سرية ابن سبهان تلك الجموع قد أقبلت عرفوا أنه مدد لفهد فولوا مدبرين ولم يعلموا بمقتله.

عندها رجع رجال فهد إليه وأخذو سلاحه وصلوا عليه ودفنوه في موضعه الذي قتل فيه، ويسمى رضيمة ابن معمر بين أجا والنفود لا تزال معروفة إلى الآن بهذا الاسم).

وكان مقتله رحمه اللّه صباح الخميس الموافق السادس عشر من شهر شوال عام 1339هـ، المصادف 22 يونيو 1921م ، وسرعان ما وصل خبر مقتل فهد إلى محمد بن طلال في جبة، فأسرع بالسير لاحتلال حائل، وكان وجود قوات ابن معمر المحاصرة لحائل يمنعه من ذلك من قبل، فاحتل حائل وفر حاكمها عبد اللّه بن متعب وسلم نفسه للأمير سعود بن عبد العزيز الذي قدم به للرياض.


صفاته رحمه اللّه :

كان فهد رحمه اللّه شجاعاً فارساً شهماً جواداً ذا قوة وعزيمة مهاباً محبوباً ورعاً، وكان من أرمى أهل زمانه بالبندق «بواردي» وخيال يشار له بالبنان ومحارب صنديد، وله في الحروب المواقف المشهودة والآثار الجميلة. وكان يعتزي بـ «أخو سلمى » وهي شقيقة أحد رجاله، قتل أخوها في إحدى المعارك مع فهد بن معمر، ولما أخبرهم فهد وعزاهم فيه صرخت قائلة بعد وفاة أخي من يعتزي بي ؟! فقال لها: أنا أخوك، وسوف اعتزي بك، واتفقد أحوالك فأوفى بما وعد. وكان قوي البنية طويل القامة ، قمحي اللون كثيف شعر الوجه، ضخم الأطراف، غليظ الشفتين ، واسع العينين فقد بصر عينه اليسرى وهو شاب، وكان عمره يوم مقتله يقارب 57 عاماً، وخلف ابناً واحداً هو عبدالعزيز.

وقال عنه عبد اللّه بن خميس : « الأمير فهد بن معمر ذلك الرجل القائد الذي قاد الجيوش وقاد السرايا واستطاع أن يكسب ود الملك عبد العزيز وتقديره ولم يزل في المقدمة بين رجالات الملك عبد العزيز حتى استشهد رحمه اللّه في موقعة فتح حائل ، وكان يعد من الفرسان ، ويعد من الرماة ، ويعد من رجال الحكم الأوفياء ، والأكفاء ، ولا غرو فهو من الشجرة الطيبة شجرة آل معمر، التي تولى قسم من رجالها إمارات وقيادات وأعمالاً برزوا فيها».