ظهور تركي بن عبد اللّه واسترداده الحكم و مقتل ابن معمر :

استقرت الأمور لابن معمر بعد استيلائه على الحكم من مشاري بن سعود في شعبان عام 1235هـ وأصبح عليه معالجة وضع قريبه وحليفه السابق تركي بن عبد اللّه الذي أصبح منافسه الرئيسي على الزعامة النجدية، حيث لم يستسلم تركي للأمر الواقع.

انتقل تركي من الحاير ومعه بعض عشيرته وخدمه إلى ضرماء، وفيها أخوال ابنه فيصل، وهم آل فقيه من بني تميم ، وكان فيها أملاك ومزارع وقصور لآل معمر، فلما وصلها تركي سار رجل إلى ابن معمر في الدرعية وأخبره أن تركي وصل ضرماء ومعه بعض مؤيديه، فجهز ابن معمر قوة قوامها مائة فارس بقيادة ابنه مشاري أمير الرياض، وأرسلها إلى ضرماء سراً، وأرسل ابن معمر كتاباً مع أحد رجاله إلى بعض مؤيديه في ضرما ولكن تركي أمسك الرجل وقرأ الكتاب وعرف مضمونه، وهاجم تركي بعض جنود ابن معمر في أحد قصور ضرماء وجرح بعضهم وتفرقت البقية وتخاذل رجال مشاري بن معمر وتابع بعضهم تركي بن عبد اللّه، مما اضطر مشاري بن معمر إلى امتطاء صهوة جواده والعودة إلى الدرعية بصحبة فارسين من مؤيديه.

أقام تركي في ضرماء وجمع قوات من أهلها ومن أهل الجنوب وسبيع وغيرهم واتجه إلى الدرعية حيث حاصر ابن معمر في قصره، وحاول الامتناع ولكن خذله أهل الدرعية في ذلك الوقت وبعض رجاله، فاعتقله تركي بن عبد اللّه وكان ذلك في الخامس من شهر ربيع أول عام 1236هـ . وبعد أن استقر في الدرعية اتجه إلى الرياض وتمكن من السيطرة عليها وأمسك بأميرها مشاري بن محمد بن معمر وسجنه مع أبيه ، وطلب منهما إطلاق مشاري بن سعود من سجنه في سدوس مقابل إطلاق صراحهما، فكتب ابن معمر إلى أبناء أخيه إبراهيم بإطلاق سراح مشاري بن سعود فامتنعوا نظراً لاتجاه القوات المصرية بقيادة خليل أغا وفيصل الدويش إليهم حيث استلموا مشاري بن سعود منهم .

ولكن لماذا لم يتجه تركي بقواته أو بعضها إلى سدوس وهي قرية صغيرة بالمقارنة بالدرعية والرياض، ويخرج مشاري بن سعود منها بنفسه ؟ يظهر أنه واثق أن الضغط على محمد بن معمر كفيل بإطلاق سراح مشاري بن سعود دون اللجوء إلى الغزو، ثم إن القوات الغازية قادمة إلى سدوس ، فلم يرغب الدخول معها في مواجهة غير متكافأة.

وبعد استلام خليل أغا وفيصل الدويش مشاري بن سعود من سدوس وتحقق تركي بن عبد اللّه من ذلك قتل ابن معمر وولده مشاري في ربيع أول عام 1236هـ.

ودامت فترة حكم ابن معمر الثانية سبعة أشهر كذلك من شعبان عام 1235 وحتى ربيع الأول عام 1236هـ ، وباختفاء محمد بن مشاري بن معمر وابنه مشاري المرشح لخلافته على مسرح الأحداث انتهى دور آل معمر القيادي في نجد في تلك الفترة.